مفاهيم الأمن الفکري المتضمنة في منهج التربية الوطنية بالمرحلة الثانوية " دراسة تقويمية "

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

دکتوراه الفلسفة في التربية تخصص مناهج وطرق تدريس وموجه دراسات اجتماعية - إدارة دشنا التعليمية – مديرية قنا للتربية والتعليم

المستخلص

يهدف الأمن الفکري إلي بناء العقل وحمايته مما قد يؤدي به من انحراف وتحصينه في مواجهة المؤثرات التي قد تجعل صاحبه مصدر تهديد للأمن والاستقرار، ومعالجته وتصحيح ما قد يطرأ عليه من خلل أو اضطراب ، ثم تأمين الدولة والمجتمع في مواجهة ما ينتج عن هذا العقل من مخرجات تتمثل في الرؤى والأفکار والتوجهات التي تعبر عنها عادة بالکلمة المسموعة أو المکتوبة وما يتبعها من سلوک أو تصرفات (نعيم تميم،2009 ، 4). 
والتربية هي الأساس والمرجع لأفراد المجتمع في اکتساب الأفکار والمهارات والخبرات، من خلال قيام مؤسساتها بتلبية حاجات الفرد والمجتمع بما توفره من بيئة آمنة تنأي بالمجتمع عن  الأزمات خاصة بعد تناميها والتي من بينها الحدة في الحوار، وانتشار عمليات العنف وسفک الدماء.
والعلاقة بين النظام التعليمي في المجتمع والأمن الفکري علاقة طردية ، فإذا کان النظام التعليمي قوياً ومخططاً ومرتبطاً بعقيدة المجتمع وتقاليده وعاداته کان أقدر علي مواجهة مهددات الأمن الفکري ( جبير بن سليمان ،2008 ، 12) .
وفي هذا الشأن قدم مجلس أمناء جامعة برنستون The Trustees of Princeton University(2003,15 ) عدد من البرامج التربوية التي تهدف إلي خلق مجتمع آمن فکريا بعيد عن مظاهر التحيز والاستغلال والترهيب والتهديد والخوف والعداء للآخرين ، وفي السياق ذاته أوضح جيمي وجوناثان  Jamie & Jonathan (2010 , 9) فعالية البرامج الوقائية التي تتصدي للإرهاب ومنع الجريمة والعمليات المتطرفة قبل وقوعها من قبل العديد من المؤسسات الحکومية التي من بينها المؤسسات التعليمية  .
وأشارت بعض البحوث التربوية والدراسات المختلفة وکذلک تحليلات الخبراء الأمنيين ، وذوي الاختصاصات النفسية والاجتماعية والشرعية أن التهديدات الأمنية بکل صورها إنما تنطلق من فکر منحرف يدفع بعض الجماعات والأفراد إلي تبني رؤى وتصورات ومعتقدات معينة تبرر لهم القيام بأعمال عنف تهدد امن المجتمع لتحقيق أهدافهم، لذا فإن قضية الأمن الفکري والمفاهيم المرتبطة به تمثل أحد المکونات الضرورية التي يجب أن تتضمن في أهداف التعليم وتترجم من خلال المقررات الدراسية المختلفة (عبدالناصر راضي ، 2013، 3: 5) .
فالتربية بجميع مؤسساتها لها دور في حماية المجتمعات لأنها الوسيلة التي عن طريقها تنتقل المعتقدات والاتجاهات من جيل لآخر، لذلک فإن المجتمعات قديمها وحديثها قد أولتها عناية فائقة ،حيث انه من أغراض التربية لدي المجتمعات تحصين عقول أبنائه ضد کل الأفکار الدخيلة التي تحاول تشکيکه في ثوابته (أمل محمد، 2007 ،4)، وهذا يتفق مع ما يراه برکة بن زامل(2009 ، 22) حيث يري أن التعليم يعد أحد الأساليب الوقائية الذي يقيم سياجاً مانعاً للاختراقات الفکرية التي تقود المجتمع إلي الانحطاط في مؤخرة الأمم، وما يتبعها من تدهور في النجاح وانعدام الإحساس بالأمن .
وبقدر ما تغرس التربية من قيم أخلاقية في نفوس أفراد المجتمع بقدر ما يسود ذلک المجتمع الأمن والاستقرار والاطمئنان فيقل استيطان الجريمة، وتتضاءل فيه دواعي الرزيلة وتزداد فيه فرص التطور والتنمية، وبقدر ما تسعي التربية إلي تحقيقه من تکامل وتنمية وتجانس في شخصيات أفراد المجتمع بقدر ما تنجح في  تکوين وخلق أهم دعائم الأمن وهو الشعور بالانتماءوالوحدة الوطنية ،لذا فإن العلاقة بين التربية والأمن علاقة ترابطية وتکاملية يکمل کل منهما الآخر ،فالتربية تسعي إلي بناء المجتمع واستقراء سعادة أفراده وهذا هو الغاية التي يسعي الأمن إلي تحقيقها (عالية بنت محمد ، 2008، 67).
 خاصة وان مفاهيم المواطنة والانتماء والالتزام المجتمعي تعرضت لخطر کبير نتيجة التطور التکنولوجي في مجال الانترنت ، وما يملکه من إمکانية التأثير على معارف الأفراد واتجاهاتهم (Hermes , 2006 ,  259)  ، ونتيجة لسيطرة فکر العولمة على مجالات کثيرة في الحياة              ( Friedman & Perez-Perdomo , 2004 ) .
ويشير محمد صالح وفؤاد عيد (2009 ، 17) إلي أن أولويات تحقيق الأمن الفکري بناء برامج ومناشط مبنية علي أسس علمية وأساليب تقويمية بحيث تطبق بشکل مبرمج ومستمر في الميدان التربوي ،وتوعية الناشئة من أخطار الأفکار المغرضة والمضللة التي يروج لها عبر القنوات الفضائية والشبکة العنکبوتية، وتبني الناشئة المفاهيم والمصطلحات التي من خلالها يمکن تنمية الحس الأمني الذي يؤهلهم إلي اکتشاف کل فکر منحرف ، وهذا يتفق مع ما يراه عبدالواحد عبدالعزيز (2010 ، 42) حيث يري امکانية تعزيز الأمن الفکري من خلال : وضع الخطط والبرامج والمناشط الموجهة ، العمل علي تحصين الطلاب ووقايتهم من أي انحراف فکري ، تشجيع الطلاب علي التعبير عن الأفکار والآراء والابتعاد عن التلقين ، رصد المظاهر الفکرية السلبية لدي الطلاب ، تکوين اتجاهات مضادة ومناهضة للانحراف الفکري ،التحذير من الأسباب المؤدية للغلو والتطرف ، النهوض بمستوي الوعي الأمني لدي الطلاب .
ونظرا للدور البارز الذي تقدمه المؤسسات التعليمية في تطوير المجتمعات التي تحترم القيم وتنبذ العنف وتسعي إلي التعايش السلمي والتسامح ،ولما يتميز به العلم من قوة البرامج التي يقدمها وتأثيرها في تحقيق غايات المجتمع ،فقد قامت بعض الدول بعمل شراکة بين سلطاتها المختلفة ومسئولي التعليم بجميع مستوياته لجعل المدارس والجامعات أکثر استعداد لمقاومة الأفکار المتطرفة والعنف بأشکاله المختلفة ،وذلک من خلال موضوعات تعزز فهم الثقافات المختلفة ،وتقبل الآخر، وتنمي المواطنة، وتعمل علي تأمين عقول النشء من الأفکار الدخيلة  (Counter Terrorism Implementation Task Force.2006.9)
والتعليم الثانوي لشدة ارتباطه بأحوال المجتمع الذي يقوم فيه يتأثر بما يجري في المجتمع من أحداث، وما يبرز فيه من أفکار ،وما يحيط به من أزمات ،وما يسوده من فلسفات، وما يطرأ عليه من تغيرات ،وما يتعرض له من عوامل تؤثر في مساره الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والثقافي ( زيد بن زايد ،2008 ،66)
وبالتالي فإن المرحلة الثانوية تُعد من أهم المراحل التعليمية المهتمة بالحفاظ علي الأمن والاستقرار، لأن استثمار عقول الطلاب واجب وطني، کما أن تحقيق الأمن الفکري لهذه الفئة يجني ثماره المجتمع بأکمله، فطالب هذه المرحلة إذا ما تم توجيهه الوجهة الصحيحة نشأ نشأةسليمة تقي المجتمع من أمراض فکرية قد تؤدي به إلي الضياع ، ونظراً لأهمية تحقيق الأمن الفکري لدي هؤلاء الطلاب فهم شباب المستقبل وقادته ،وللظروف التي تحيک بالبلاد من تحديات عصيبة ومخاطر فکرية ،إلا أنه يمکن مواجهة ذلک من خلال إعادة التفکير في مناهج الدراسات الاجتماعية عامة والتربية الوطنية خاصة عن طريق تعزيز المناهج بالمفاهيم التي تحقق مزيداً من الأمن الفکري القادر علي تغيير کافة العادات العقلية السيئة والمفاهيم الخاطئة ومکافحة الفکر المُضلل وصولا لإعمال العقل في کل ما يُعرض علي المتعلم من قضايا وأحداث.

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية


عنوان المقالة [English]

The concepts of intellectual security included in the national education curriculum at the secondary stage "an evaluation study."

المؤلف [English]

  • nagat esmail
Doctor of Philosophy in Education, specializing in curricula and teaching methods And directed by social studies - Dishna Educational Administration - Qena Education Directorate
المجلد 38، العدد 38 - الرقم المسلسل للعدد 38
مناهج وطرق التدریس ( اللغة العربیة- الإنجلیزیة – الفرنسیة – الریاضیات – العلوم- الفنون- الاقتصاد المنزلی- التجاری ... )
أكتوبر 2014
الصفحة 284-372
  • تاريخ الاستلام: 25 يوليو 2014
  • تاريخ المراجعة: 19 أغسطس 2014
  • تاريخ القبول: 29 أغسطس 2014