تطوير مدارس التربية الفکرية بمحافظة سوهاج فى ضوء الاتجاهات التربوية المعاصرة لتعليم المعاقين عقلياً - دراسة تحليلية ميدانية

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس أصول التربية کلية التربية جامعة سوهاج

المستخلص

لقد تغيرت النظرة للمعاقين عقلياً فى الآونة الأخيرة، حيث تحولت هذه النظرة من اعتبار هؤلاء المعاقين حالة اقتصادية واجتماعية استثنائية إلى اعتبارهم جزء من الثروة البشرية يجب تنميته والاستفادة من قدراته وتمکينه من ممارسة دوره فى المجتمع، کما أصبح ينظر إلى المعاقين عقلياً على أنهم أفراد إنسانيون أصيبوا بالإعاقة رغماً عنهم، وأن لهم أحاسيسهم ومشاعرهم الخاصة، وأنهم يستحقون المزيد من العناية والاهتمام فى تربيتهم وتعليمهم، حتى يتسنى لهم القدرة على التکيف مع مطالب الحياة المتغيرة وشق طريقهم بنجاح فى الحدود التى تسمح بها قدراتهم وطاقاتهم.
ومن هذا المنطلق فقد شهدت السنوات الأخيرة تطوراً کبيراً فى مجال الاهتمام بالرعاية التربوية والاجتماعية التى توليها المجتمعات فى العالم لأطفالها المعاقين عقلياً، ولجأت الدول إلى وضع الخطط ورسم السياسات التى تکفل توفير کافة المزايا والحقوق وسبل الرعاية لهؤلاء الأطفال، وتضافرت جهود العلماء والمفکرين فى سبيل توفير برامج التربية والتأهيل المناسبة لهؤلاء المعاقين وتمکينهم من الاستفادة من مختلف الأنشطة المتوفرة فى المجتمع (أميمة محمد عمران، 2004م، ص219). وهناک الکثير من الدول- خاصة المتقدمة- التى عملت على تطوير نظم تربية وتعليم المعاقين عقلياً.
فعلى سبيل المثال وليس الحصر فى کل من "ألمانيا والنمسا وسويسرا" يتم الترکيز على الاهتمام بالمعلمين المتخصصين فى التربية الخاصة وسبل إعدادهم للتعامل مع التلاميذ المعاقين عقلياً وتمکينهم من الاستفادة من قدراتهم إلى أقصى حد ممکن، کما يتم الاهتمام بالرعاية النفسية والاجتماعية لهؤلاء التلاميذ داخل مدارسهم (Lauth, G. W. & Weiss, S. R., 2003).
وفى کل من "إنجلترا وفرنسا" يتم الاهتمام بدمج التلاميذ المعاقين عقلياً مع أقرانهم العاديين داخل المدرسة وخارجها، وتوفير سبل الرعاية التربوية والتعليمية فى البيئة الطبيعية، وعدم التفرقة فى المعاملة بين التلاميذ المعاقين عقلياً وأقرانهم العاديين (Maffre, T. and Others, 2005). وفى کل من "اليابان وبلجيکا" يتم الاهتمام بالتکنولوجيا المساعدة فى التعليم والتعلم وتوفيرها للتلاميذ المعاقين عقلياً فى مدارسهم، کما يتم الترکيز على إکساب هؤلاء التلاميذ جوانب الأخلاق والقيم والاهتمام بالتربية البدنية والنمو الجسمى السليم والجوانب الصحية (Martenz, E.H., 2003).
وفى کل من "الولايات المتحدة الأمريکية وأستراليا" يتم الترکيز على توفير الإمکانيات والبيئة المدرسية والتربوية المناسبة لتعليم التلاميذ المعاقين عقلياً، بجانب الاهتمام بالإدارة الفعالة للفصل ومراعاة الفروق الفردية بين التلاميذ والتعامل معهم من منطلق الفهم الواعى لهذه الفروق ومساعدتهم على التغلب عليها (Caren, S., 1997).
وفى کل من "هولندا والنرويج" تقوم تربية المعاقين عقلياً فى مدارسهم على المشارکة المجتمعية الکاملة بين المدرسة والسلطات المحلية ومؤسسات المجتمع المدنى والتعاون الکامل فيما بينهم من أجل إنجاح العملية التعليمية فى مدارس المعاقين عقلياً، والمشارکة الکاملة فى تحمل مسئولية رعاية المعاقين عقلياً ودمجهم فى المجتمع (Lohre, A. & Grimsmo, 2000).
أما فى "مصر" فقد اتضح فى الآونة الأخيرة الاهتمام بالمعاقين عقلياً وسبل رعايتهم وتربيتهم، حيث تبلور هذا الاهتمام فى سن التشريعات والقوانين التى تکفل لهم حقوقهم الاجتماعية والاقتصادية، وفى عقد المؤتمرات والندوات وحلقات الدراسة التى تبحث مشکلاتهم وقضاياهم، وأيضاً فى إنشاء الشعب ومراکز البحوث والدراسات العلمية التابعة لبعض الکليات والمعاهد العلمية، وأيضاً إنشاء المؤسسات والمراکز الحکومية والأهلية التى تعنى بتربية ورعاية الأطفال المعاقين عقلياً تحت إشراف وزارة التضامن الاجتماعى (کما تسمى حالياً).
کما تبلور هذا الاهتمام بالمعاقين عقلياً فى مصر من خلال التوسع فى إنشاء مدارس التربية الفکرية وأيضاً زيادة عدد فصول التربية الفکرية الملحقة على المدارس العادية ليصل إجمالى عدد هذه المدارس وتلک الفصول فى عام 2006م إلى حوالى (90) مدرسة و(210) فصل ملحق موزعة على مختلف محافظات الجمهورية (وزارة التربية والتعليم، 2006م)، وإن کان هذا التوزيع يعيبه الترکيز على مناطق ومحافظات معينة من الجمهورية دون أخرى، والترکيز أکثر على المناطق الحضرية دون الريفية، فضلاً عن أن هذه المدارس ترکز فى شروط القبول بها على الأطفال المعاقين عقلياً من ذوى الإعاقة البسيطة (الذين تتراوح درجات ذکائهم بين 50 إلى 75 درجة حسب اختبارات الذکاء) أى فئة المورون القابلون للتعلم دون غيرهم من فئات ودرجات الإعاقة العقلية الأخرى.
وتأتى مدارس التربية الفکرية فى طليعة المؤسسات التربوية المسئولة عن تربية الأطفال المعاقين عقلياً والإسهام فى تعليمهم وتربيتهم وتأهيلهم للقيام بدورهم کجزء من القوى البشرية فى المجتمع، والأخذ بأيديهم ومساعدتهم على التکيف بنجاح فى مجتمع سريع التغير کثير التحول يحتاج إلى إنسان قادر على الوعى بأهم تغيراته وتحولاته ومحاولة التعايش معها.
ومن هذا المنطلق فإن مدارس التربية الفکرية فى مصر تحتاج إلى تطوير مستمر فى عناصرها المختلفة وفى خدماتها التربوية التى تقدمها لتلاميذها المعاقين عقلياً، خاصة وأن بعض الدراسات السابقة أثبتت أن هذه المدارس توجد بها العديد من المشکلات وجوانب القصور مثل دراسة "أحمد جابر أحمد وخالد عواد صابر، 2004م" التى أظهرت أن هناک قصور عام فى الخدمات التعليمية والصحية والتأهيلية والترفيهية المقدمة للأفراد المعاقين عقلياً فى المجتمع عامة وفى مدارسهم خاصة وعدم تغطية هذه الخدمات إلا لنسبة ضئيلة من المستحقين لها، بجانب ضعف مکونات وبرامج التأهيل المهنى بمدارس التربية الخاصة فى مصر بشکل لا يضمن التشغيل المناسب للفرد المعاق بعد تخرجه من المدرسة وحصوله على شهادة التأهيل.

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية


عنوان المقالة [English]

Development of schools of intellectual education in Sohag governorate in light of contemporary educational trends to educate the mentally handicapped - a field analytical study

المؤلف [English]

  • emad wahba
Teacher of pedagogy Sohag University College of Education
المجلد 24، العدد 24 - الرقم المسلسل للعدد 24
مناهج وطرق التدریس ( اللغة العربیة- الإنجلیزیة – الفرنسیة – الریاضیات – العلوم- الفنون- الاقتصاد المنزلی- التجاری ... )
يناير 2008
الصفحة 375-440
  • تاريخ الاستلام: 13 نوفمبر 2007
  • تاريخ المراجعة: 10 ديسمبر 2007
  • تاريخ القبول: 31 ديسمبر 2007